العرّاب الفني

سيدي الرئيس … اعلان زين استغلالٌ للأطفال وترويجٌ سياسي؟

يبدو أن شركة “زين” الكويتية للإتصالات، اصبحت تسعى الى استغلال بعض القضايا الإنسانية للترويج لنفسها. فبعد استغلالها صورة الطفل السوري عمران دنقيش في اعلانها الرمضاني العام الماضي، حاولت هذا العام أن تجمع أكثر من قضية في إعلان واحد.

“سيدي الرئيس… سنفطر في القدس”، هذا ما يخبره الطفل الحزين للرئيس الأميركي دونالد ترامب. يتوسل الطفل لرؤساء آخرين، منهم الروسي فلاديمير بوتين، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون، من أجل إيجاد حلول لثلاث من أكثر القضايا الشائكة في العالم: سوريا، وبورما، وفلسطين.
أثار الإعلان منذ الدقائق الأولى لصدوره، جدلاً بين مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي. فمنهم من رأى في العمل ابداعاً، ومنهم من رآه مجرد بروباغاندا سوداء استخدمت للترويج لأفكار سياسية.
مؤيدو الإعلان رأوا أنه من الضروري تسليط الضوء على الطفل العربي وعلى معاناته، وعلى المشاكل التي يتعرض لها الأطفال والتي كانوا بنتيجتها هم الضحية. فكم من طفلٍ نزف و”نزفت العابه”، وكم من طفل حرق في بورما لأنه “نطق الشهادة”، وكم من طفل اذرف الدموع وهو يقاوم ويصرخ “القدس عاصمة فلسطين”.
كل هذه المشاهد وأكثر سلّط الإعلان الضوء عليها. فهو لم يغفل حتى عن تصوير الطفلة الفلسطينية “عهد التميمي” داخل السجون.
بالمقابل، أخذ الإعلان نصيبه الكافي من الإنتقاد ممن رأوا فيه رسائل سياسية بحتة. الإعلان صور الرؤوساء الذين تم ذكرهم على أنهم “المخلّص”، وصور الطفل العربي على أنه من أضعف ما يكون. يرى أحد المغردين، أن المشرف على العمل كان بإستطاعته تصوير الطفلة عهد التميمي بصورة البطلة وليس بصورة “الذليلية”، التي لم يمنحها الأمل سوى ذلك الطفل الذي كسب تعاطف رؤوساء العالم.
بالإضافة الى ذلك، يسعى المخرج بأحد المشاهد الى استغلال قصة الطفل السوري “إيلان” بطريقةٍ غير مباشرة كي لا يقع في الفخ الذي اصابه العام الماضي. الخطورة في ذلك المشهد، أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هي من تأتي الى “شط الأمان” لتحمي اللاجئين. يتساءل رواد مواقع التواصل الإجتماعي عن وضع الدول الأخرى التي استقبلت الاجئين كلبنان ومصر مثلاً، ألم توصلهم هي الأخرى الى شط الأمان أيضاً؟ كما يتساءل مستخدمو مواقع التواصل عن إغفال المخرح “مخطط تهجير السوريين من بلادهم” والذي بسببه سعت الدول الأوروبية الى فتح حدودها لإستقبالهم، حسب رأي المغردين.
خطورة الإعلان -بحسب المعلقين- تكمن في المشهد الأخير. قام المخرج في هذا المشهد بتصوير مجموعة من ستة اشخاص ترتدي الزي الخليجي فقط، وهي وحدها من استطاعت الوصول الى القدس، لا بل هي وحدها من استطاعت أن تحيط الطفلين وتشعرهم بالأمان. فهل من لا يتبع دول الخليج، لا يستطيع تحقيق النصر والوصول الى القدس؟
نحن، لا ندري الهدف الأساس الذي يقف وراء مثل هذا الإعلان. لكن السؤال الذي نستطيع طرحه هو مدى ارتباط هذه الأنواع من الإعلانات بالتأثير على ارباح شركة اتصالات.
يبدو أن “زين” تضرب أكثر من عصفور بحجرٍ واحد، فهي تثير استفزاز الجمهور وعواطفه، تحقق غاياتها الإعلانية و السياسية، وتروج لإسمها بطريقةٍ ذكية، “فالإعلان السيء هو إعلانٌ جيد”.

حسن درويش

https://www.youtube.com/watch?v=XyIKZl7-EEQ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى