العرّاب الفني

الحرية المشروطة في لبنان وما حصل مع نادين لبكي أكبر دليل

يتميّز لبنان بموقعه الجغرافيّ المُطلّ على البحر الأبيض المتوسّط. جملةٌ أذابوها بداخلنا منذ أولى مراحل الدّراسة حتّى تخرّجنا ، ومنذ ذاك الوقت ونحن نفتخر به على اعتبار أنّه يملك امتيازاتٍ كبيرةٍ متفوّقاً بها على دول مهمّة عدّة.

يتميّز لبنان أيضاً بإرادة شعبه التي لم تغلبها الحروب، ولم تقوَ عليها الشّدائد من أعمالٍ إرهابيّةٍ إلى فتنٍ طائفيّة هي صنيعة أسماء باتَ اللبنانيون يدركونها عن ظهر قلب.

أمّا الإمتياز الجديد الذي يقتاتُ عليه هذا الشعب، ألا وهو فنّ التحليل المنمّق، بعد خبراتٍ طويلة في مجالاتٍ عدّة، حيث أصبح بإمكانهم الغوص في تفاصيل أيّ موضوع كان، مهما كان حجمه ، والوصول إلى نتيجة في وقتٍ قصير نسبيّاً .

لكن مهلاً، فلنضع تلك الإمتيازات جانباً أمام لغة التّخوين الّتي تفرض وجودها عند أيّ موضوع خلافي، فالإختلاف في وجهات النّظر طبيعيّ ، بل بات مطلوبًا، لكن ليس كي نصل إلى حدود تصنيف الآخر وإلغائه لمجرّد أنّ أفكاره لا تناسبنا، أو لأنّ سياج حريّته موجود بأيدينا.

وليس ما حصل في موضوع ” جائزة نادين لبكي ” إلّا دليلاً صارخاً على فئةٍ تتكاثر بيننا، وتتقن فنّ التخوين ولغة التخويف فتفرزها على أقلّ كلمةٍ تقال . وهذه الفئة تأخذ على نادين أنّ إسم فيلمها “كفرناحوم” ، معتبرين أنّها قرية ” إسرائيليّة ” ويعوزون لذلك سبب نيلها الجائزة. هؤلاء ربّما خانتهم الذاكرة أنّ الدّولة إسمها فلسطين المحتلّة ، متناسين أنّ كفرناحوم هي قرية في الجليل المحتلّ سكنها السّيّد المسيح يوماً.

على أيّ حالٍ، ماحدث يعيد بي الذاكرة إلى جملة الكاتبة الكويتيّة بثينة العيسى :” سوف يسمجون لك بالحرّيّة الفكريّة، بعد أن يشلّوا قدرتك على التّفكير”. وكلّ ذلك في بلد الحرّيات!

مريانا سويدان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى