العرّاب الفني

عندما يغدو التّطبيع…مدفأة للعروبة!

عندما علّقت الجامعة العربيّة عضويّة مصر فيها عام ١٩٧٩ بسبب توقيع رئيس مصر آنذاك أنور السّادات لاتفاقيّة كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني ، كانت حينها العروبة في أبهى حللها فكان التّعامل مع الصّهيونيّة تطبيعاً ، والإعتراف بدولة إسمها “إسرائيل ” خيانة عظمة ليس فقط للبلد المحلّي، بل للعروبة جمعاء.

مضت السنين ولم يتغيّر شيئاً في فلسطين، لا زالت محتلّة وشعبها يتعرّض لأبشع التعدّيات، أمّا فيما يخصّ العروبة فالتّخاذل هو سيّد الموقف وقد وصلت لأوج عطائها في الأيّام القليلة الماضية.

منتخب الكيان الصهيوني للجمباز يشارك في بطولة العالم ويُرفع العلم الإسرائيلي ويعزف نشيد المغتصبين على أرضٍ عربية هي قطر. تَلَتْها بعد ساعات قليلة في أبو ظبي تنظيم بطولة “غراند سلام للجودو ” ومشاركة الفريق الصّهيوني فيها، بل وتضمّنها حضور وزيرة الثقافة والرياضة الصهيونية لتحتفل بهذه “اللحظة التاريخية” حسبما وصفتها.

صفعتان على الرأس تؤلمان لكن هذا ليس كل الغيظ، فبعد ساعات إستقبل سلطان سلطنة عمّان رئيس الوزراء الصهيوني في ختام إتصالات مطوّلة بين الجانبين كما صرّح الأخير. أنظمة عربيّة تضع يدها بيد المحتلّ، تتخلّى عن فلسطين، وتتآمر على بعضها البعض كما فعلت الإمارات عندما حاولت الإطاحة بقطر في بطولة آسيا لكرة القدم فجاءت النتيجة بأن أطاحت بنفسها على قاعدة من حفر حفرة لأخيه وقع فيها، لتصبح أغبى مؤامرة كرويّة في التّاريخ.

في خضمّ هذا، وأثناء زيارة رئيس العدو لعمّان كانت غزّة تُقصف، وجيش الإحتلال يقمع مسيرات العودة ويرتفع خمسة شهداء إلى خالقهم لينضّموا إلى ٢١٥ شهيداً منذ آذار الماضي. ٢٢٠ شهيداً دفعوا ثمن تخاذل معظم الأنظمة العربيّة وتسليمهم مصير شعوبهم للمحتل الغاصب.

هي نتيجة طبيعيّة عندما تُغطّى زيارة فنّان للأراضي المحتلّة تحت ستار “حريّة الفنّ “، وعندما يتمّ التّسويق للسّلام مع المحتل كحبل النّجاة الوحيد للخروج من دائرة العنف هذه. كأنّ مئات المجازر وآلاف الشّهداء التي أزهقها العدوّ لا تستحقّ المقاومة وتحرير الأرض بمجهودٍ عربيٍّ بحت.

” ما دخل اليهود من حدودنا…وإنما تسرّبوا كالنّمل من عيوبنا ” اختصر نزار قبّاني في قصيدته ” هوامش على دفتر النّكسة ” ما يجري حاليّاً ، ولولا بضعة دول تُعدّ على أصابع اليد الواحدة ما زالت تعتبر الإعتراف ب “إسرائيل” تطبيعاً ، وأنّ لا حلّ إلا بالمقاومة ، لكنّا في عداد المنفيّين. فحمداً لله على نعمة المقاومة أينما وُجدت.

مريانا سويدان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى