العرّاب الفني

أتكفي بولا يعقوبيان لمواجهة جريمة “المحرقة”؟ 

ستُنفذ الجريمة غالبًا بحق وطنٍ أعزلٍ إستنزفَ الأمل.. محرقةٌ من “الأرستقراطيّة السياسيّة” ستُصيب عاصمة الحياة في مقتل!
سبب محتمل لسمّ لوّنه رسامو الموت بألوانٍ مبهجةٍ.

يخوضون رحلةً عابرةً للمحيط بقواعدهم المُرفهة، لزيارةٍ قد تجلب تلوثًا سالبًا آخر حقوق الحياة: نوابٌ ورئيس بلدية وأعضاء بسفرةٍ أقرب إلى الإستجمام، والهدفُ: محرقةٌ بإسم مُشرّع تحت ألقاب تزيينيّة ستجعل للتلوث وطنًا أزليًا في لبنان..

تسحب النائبة بولا يعقوبيان حبال آخر المواجهات بأيادٍ جاهدةٍ شبه عاجزة أمام تكتلات سياسيّة ناهية..
يتساءل مواطنٌ يائسٌ: كيف تُمنع محرقة لنفايات عايشناها برئاتنا بمشهديّة فاضحة؟ وكيف يتحقّق الخلاص بيدٍ ألعن من الشيطان؟ هل سنتكلّف مالًا ووجعًا لتفكيك مرض آخر بأجسادٍ أضحت مُنهكة؟!

تعود يعقوبيان لتبكي المأساة بحبرِ العصفور المغرّد الأزرق -بعدما طُعنت شرفًا أمام “بوق” لعهدٍ يسرح البعض في إيضاح “قوته”- لتُرفع بوجه النائبة جلّ أنواع الأسلحة الإلكترونية من جماعته..
يمر ردًا لأحد ممثليهم الرسميين داعيًا يعقوبيان للصمت وإلا سلسلة من المقارنات ودفاتر هالكة من الماضي، ليتجاهل حجم الإعتداء.. يعايرُها كعادة “الإصلاحيين” وكأنها منافسة في “إنتخابات الدوائر”، شرطَ ألا يكلّف نفسًا لشرح خطوته والمخاطر!

كأقمع الأنظمة المستبدة: يرفعون البندقية بتعجرفٍ، فيما يترأسون قطيعًا من متابعين دون رؤية، ويتسابقون إطلاق الذخيرة الأخيرة على وطنٍ إضمحلت به الرؤى..

رغم ذلك، تتابع يعقوبيان نشاطاتها على وقع صرخات من الوجدان.. تأتيها شتائم مقززة من مجنّدين آخرين – على رتبٍ – من جيوش إلكترونية لتغييب الحقائق عن المواطن المُتعب..
لا تيأس.. تحطّم جدار الصمت، فتجلس على مقعدها منفردةً بأصوات المنتخبين: ترفع الصوت، وتنبّه للعقبات المقبلة..

لكن حتى الإمتياز النيابي لا يفعل الإعجاز.. فلبنانها مُمتزج بالفساد حتّى حبل الوريد، ومُحمّلًا أعباء الحروب والإنتكاسات، ومديونًا وهِنًا أمام جيوب نوابه ورؤسائه ومسؤوليه وأحزابه وتياراته السياسية على عقودٍ من الأسى..

مضت شهورٌ، لَم تستطعْ أجهزةُ تحكمهم إخفاءَ صوت نضالها.. ولكن طالما قرار النهاية محكومًا بضغطةٍ من اصبعهم، فلمَ الخوف؟

حُفظت يعقوبيان شهورًا على الشاشات وضمن لقاءات، ولم يتغير شيئًا..
محرقةٌ بفصلٍ جديد من الفساد سيخيّم على أجيال صاعدة: ستعيشُ نتائج بغير إستحقاق، وقد تُزهق أرواحها على مداخل لمستشفيات بكلفةٍ لم تصرفها!

على غرار ذلك، يؤكد حتّى أقل الخبراء الأضرار الناجمة عن محرقة العصر، فكارثة كهذه لا يُسمح بحدوثها حتى في أثيوبيا التي سمحت لإمرأة بقيادة البلاد.. هنا، يكفي طعن الأنثى بشرفٍ لحفظ الموروثات من أجل إيقافٍ مؤثرٍ لتمردها..

وعلى عكس المُتوقع، لم تتوقف بولا ولم تتأثر، فبانت بطلة تتحدى إخراجًا هزيلًا.. هي مناضلة أخرى من التاريخ لن تغيّر الحاضر، وقد يغلبها المستقبل، لكنها لا تستسلم..
ثمّة نضال سيُكمل أنفاسه حتى لو تمت المحرقة بإجماع سياسي بين من إفترقوا أبدا، وحتّى لو نهشَ الفساد بقايا أرزة متوعّكة.. ستتكلّم صفحات التاريخ يومًا أن بولا يعقوبيان كانت نائبة لشعبٍ مضطهدٍ في ضعف، وليست نائبة لسلطةٍ في “قوة عهد”!

إلتقيتُ بولا ذات مرة منذ أربع سنوات، وحينها وافقتْ على مقابلة مع مبتدىء -يخوضُ غمار الصحافة المكتوبة- بروحٍ دافعة للنجاح.. هنا أدركتُ أنني أمام إعلامية بارعة بمعايير مهنتها، ولم أعي أنها ستكون نائبة بارعة بعد ذلك دون مفارقة..

عبدالله بلال بعلبكي 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى