العرّاب الفنيمشاهير العرب

هذه الصورة هزّت مواقع التواصل الإجتماعي..فما السبب؟

تمرُّ عناوين صاخبة أمام عينيك ملّخصةً مجريات الأحداث الفنيّة: بعضٌ منها يأسرك نحو مضمونٍ مُبهم.. يُغري المضمون إصبعك في دفعةٍ نحو ضغطةٍ على الرابط لتتخلّص من تشويقٍ ذهني، وآخر يسخّفها منطقك في عدّة أوجه؛ والمضمونُ واحد: تدني الذوق العام.

على وقعٍ مفاجىءٍ، توقفك صورةٌ أمام تفاعلٍ هامِدٍ: شيءٌ ما يُبعد مَللًا مُنغمسًا بوحلِ الإفلاس الفكري..
ليست لقطة مصوّرة أمام عيّان يتفرّج فحسب، إنّما منبع من الذاكرة الجميلة ينفجرُ حنينًا..

ترفعُ الممثلة السورية شكران مرتجى يدها لتطرح سلامًا على عملاقٍ آخرٍ من الدراما السورية العربيّة، حفرُه الزمن في باطن الذاكرة بإسمِ علمٍ مُعرّفٍ: أيمن زيدان..
بكثيرٍ من الحبّ، وبندرةٍ في وفاء العلاقات، تعايشُ ملامحهما لحظات مشتركة ماضيّة من المسيرة البهيّة والرحلة المُرهقة و”تعب المشوار”!

أمام العجز الفني الحالي الحائر من تسجيل أي بصمة لافتة، تعود اللقطة بذاكرة متينة لم تلّوثها أوساخ آنية، لتضخّ حنينًا نحو أعمال سوريّة أظهرت الريادة الكوميديّة بقليلٍ من مُقاربة الفلسفة المُضجرة.. ونحو أيامٍ لم تحتّل به وسائل التواصل خصوصيّاتنا، ولم تتدخّل في مجرى علاقاتنا الوديّة.. ولم تقطّع الأوصال.

قصة شكران مرتجى وأيمن زيدان أعمق من “حدوتة جميل وهناء” في جزئيّ أحيّا حالة جماهيرية لم تميتها عشرون سنة، ومن أحداثِ “بطل من هذا الزمان” بعدما إندثّرت نظريّة الأبطال -على وقع التعثرات الإنتاجيّة في العثور على خلطة نجاح مماثلة: هي عودةٌ إلى الماضي الآسر، الباذخ بقلّة بذوخه ومظاهره الخدّاعة، وإلى كل ما هو قيّم بغياب مقاييس العملات المالية.. كلفحة هواء تصفعُ الحاضر المُدقَع أمام ثراء الأمس وأعماله الفنية!!

بتأثيرِ عاطفةٍ مجيّشةٍ، يُشّلح العقل من أي منهجيّة.. كناقد، اعتدتُ الوقوف بعيدًا على محطةٍ من الإثناءات المشبوهة.
لكنني برحلةٍ نحو أقرب النقاط بُعدًا عن المرحلة الزمنية، أجلّل لحظة من الحدث لا تتكرر مرة، دون حاجةٍ إلى الموضوعيّة الصارمة: إبتسامةٌ ونظرةٌ من الجمال بين “جميل” و “أمل” تواجهان بشاعةً وتصحّرًا فنيًا ومُكررات دون نكهة أو معنى!

رغم ضحالة الساحة، تثابر مرتجى مهنيًا لمجاراة “التطور”: بحلّة إبداع الأمس في الموهبة، وبوفرةٍ من الإجتهاد في إبتكار الشخصيّات.
يغيبُ عنها “الأوسكارُ” وقتما تملأُ الفارغات خزنتها بعشرات الجوائز “التقديرية” بلحظِ عينٍ زائلة..
تكفيها لحظات موّثقة بمحبّة صعبة المنال، ومتابعة جماهيريّة وفيّة منذ الإنطلاقة الأجمل..

على توازٍ، يتعملّق النجم الكبير أيمن زيدان بأدوارٍ تُطرحه ماهرًا في الأدوار الدراماتيكيّة المُناقضة، فيما يُحرّك حنينَ المتفرّج لشطارتِه المنفردة في الكوميديا المشوّقة دون تكلّف..

أمام اللحظة الأخّاذة، تجرّب إستعادة سلطة العقل لتحيّد كلّ عاطفة.. يُقودك إطارُ المنطق نحو مكانٍ مماثلٍ، لتفتح الأفق على مقربةٍ من موقع المشاعر التوّاقة..
لا تُشعل الصورةُ نيرانًا متوّهجةً -برمادِ الحنين وطاقة الحب وذكريات بديعة تُفرح وتُبكي- فحسب، بل تضعك في حالةٍ ذهنيّةٍ مُمتعةٍ أمام ألهبة النار، بين هالةٍ متلّونة: بمزيجٍ بين الأزرق والأصفر، هناك رونق من التميّز..

تغزوك المقارنةُ، فتسأل بسوداويّة: “لمَ يعجز المنتجون الحاليّون عن صنع خلطة مشابهة للنجاح؟ وعلى الإبتكار المُرادف؟”

“أو أنّ أعمال الأمس تشبهُ الامس؟! وهذه هي كلّ القصة؟!..”

عبدالله بعلبكي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى