العرّاب الفني

إيلي باسيل .. علامة فارقة رغم الغياب؟

أطلّ في موسم واحد من برنامج The Gossip Show الذي فاق كلّ التوقعات بانتشاره وغاب بعدها عن الشاشة.

غيابٌ لم يحدث فارقًا في الحضور الفعلي.. فكيفما تصفّحت تطبيقات الهاتف، وكلّما التقيت بمن يحبّ المناقشة، يمر اسمه مخلّفًا عاصفةً من الجدالات البيزنطيّة: إنه إيلي باسيل .. الإسم الذي لن يعرّف، لأنه أشهر!

من وسائل التواصل الإجتماعي، يجهّز باسيل المنبر.. منصّةٌ يستخدمها صحافيّو الغرب ببراعةٍ، ويشوّهون العرب تقنيّة استعمالها.. يبتعد هو عن هذه المفارقة، ليقوم بدوره بتفرّدٍ، مغرّدًا بعيدًا عن المنافسات..

ينتظره المتابعون بشغفٍ عند كل إطلالة: يجمّع المواد الدسمة، ويحاكي نقاشًا طويلًا لكن بعبارات مختصرة، تضحكك، وتجعلك مبتسمًا، وأحيانًا متوتّرًا، توّد مغادرة المشاهدة.. لا تغادرها، ليحيّرك في لغزه..

لا يحتاج لغز باسيل لميزانية ضخمة، أو لبرنامج مُلصّق بعشرات الترويجات.. يقتحم عالم التواصل، فيحصد أعلى النجاحات، بلمسات لصحافي محترف، لم يرَ في مجاله هواية..

تخالفه الرأي في الكيفيّة، لكنه يقنعك غالبًا فيما يقدّمه من مضمون مثير: بلهجةٍ تفتقر للمألوف، ولكن ليس للمصداقيّة!

يستخدم باسيل الأسلوب الذي يقرّبك.. ففي حوزته، مهارات تميّزه عن غيره..

قد لا يتقبّل الجميع أسلوبه اللاذع، لكنه يتابعه على اختلاف أنماطه وأفكاره، دون إستثناء..

كثرٌ يلجأون للمدرسة الصحافيّة القائمة على كشف الفضائح، وإشغال الرأي العام المُتابع لها.. وقلّة ينجحون: منهم باسيل الذي يطرح مناقشاته بأستذةٍ وبحنكةٍ فريدة..

تحقّق مقاطع باسيل المصوّرة أرقام، لا تحقّقها برامج زاخمة على الشاشات اللبنانية الأولى..

واقعيّة الأرقام هذه تحيّر المنتجون بكيفيّة إغراءه للعودة إلى عالم البرامج التلفزيونية.. فأيّ محطة قد تسعه اليوم وهو بنفسه أصبح محطّة! إلّا أنّ باسيل يبقى مصرًّا على قراره بالإبتعاد عنها في الوقت الحالي بهدف تحقيق طموحاته الأكاديمية والحصول على الدكتوراه من أهمّ الجامعات في العالم.

يستمرّ باسيل بالإصرار عينه، ويثير في كلّ مرّة عواصف شديدة هائجة.. النجاح هو حصاد لأعداء كثر، بصداقات أقلّ.. كما يتابعه المحبّون، الكارهون يشاهدون بالخفاء، ويضحكون معه عبر التعليقات، ثمّ يناشدون الإطلالة القريبة المقبلة، ببحثٍ مستمرٍّ عنه كل يوم!

“أهو حالة خاصة؟!” تُصاب بالذهول عندما ترى ما يحقّق.. لا ضرورة للوصول إلى “الميديا”، فمن موقعه يخلق التواصل، بكثير من الأدوات: تكلّمه بألسنة الناس، اتّباعه نمط مختلف لم يقتله التكرار، وذكائه الحادّ في الطرح، فيُحدث إنقسامات متفرّعة بين رأيين أو أكثر!..

عبدالله بعلبكي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى