العرّاب الفني

شجرةٌ بمليون دولار.. من يدفع الفاتورة؟ 

هذه المرة، يُسقط المجتمع السياسي تهمة الطائفيّة عن عاتق المسيرة.. لمرة أولى، يتجلّى العدل بنماذج حيّة أفسدت معالم الإنسانيّة جمعاء!

لبنان هو وطن للحماقات الفرديّة، تلك التي تضع يدًا على عيني المواطن، لتبعد ذهنًا عن وارد الإستنتاج..

تكلّف شجرة ميلاد مُزيّنة، وسط العاصمة المديونة بيروت، مبلغًا قدّر بمليون دولار أميركي دون فاتورة مفصّلة..

لا أحد يبرّر السرقة، إلا بإخفاء تفاصيلها!

للمليون يافطة دينيّة أخرى علت رأس مواطن شُلّح ما يملك، من أجل مقاعد خافتة.. ليس الهدف في مشاركة المسلمين طقوس إحتفاءهم بمولد نبيهم، بل شملهم أيضًا في لعبة الإستغلال..

المعادلة الرياضيّة لا تتجزأ عند مقسّمي الصفوف: لا يهم كونك مسيحيًا متدينًا أو مسلمًا ملتزمًا، فأنتَ تُفترس  بأنياب جشعة في الحالتين.. أنياب كلّ ما همها خزينة حُسبت عليك، ولم تنعم بها يومًا!

ترفع النائبة بولا يعقوبيان صوتها لمرة ليست أولى، ولا تبدو أخيرة.. تكبّلها نفوذ الطبقات السياسيّة المُهيمنة..

لا حاجة لفاتورة، بل توضيح لعمليّة حسابيّة بسيطة: كم عائلة تُنقذ بمبلغ كهذا، من جهنم الفقر، لتحظى بأبسط نعم الحياة؟

تستأنف يعقوبيان نشاطاتها السياسيّة، بل الإجتماعيّة الأكثر تأثيرًا.. ثمة إجماع وطني عمّا تمثّل، وعمّا بحوزتها من قدرات لإفتعال مشاكسات خطرةٍ -لكن فعّالة- تدّق ناقوس الخطر بوجه الطبقة السياسيّة!..

لا تمثّل الناس كنائبة حصدت أصواتهم، بل كمواطنة جُيّرت إليها آمالهم بوطنٍ مُغرّقٍ بالمحسوبيات..

مليون دولار أميركي هي التكلفة التي ستمتص دماء اللبناني حتّى هلاك مؤجل.. إعلان حالة الطوارىء لا تضع حدًا لمشكلة عسيرة، ومع ذلك رُفضت تباعًا!

من يتحرّك من جديد؟ ومن يجرأ على طرح علامة إستفهام كارثيّة؟ أيحاسب من هو المُحاسَب؟

لا يهتم أحد لتلك المعاناة العويصة.. تعلو الأصوات الداعمة لخيارات التيارات بحكومةٍ لم تتشكّل بعد، ويعم الصمت على سرقةٍ غير مُحقة..

لن يهلّل اللبناني فرحًا بشجرةِ مليون، ولا بزينة مفرّغة من جوهرها.. سيسير مكسورًا، وهو يرى عاصمته على وشك الإنهيار التام، بأيدي “حُماتها”!..

عبدالله بعلبكي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى