العرّاب الفني

في عيد الإستقلال: حقّ تقرير المصير “مجهول الهويّة”

في الثّاني والعشرين من شهر تشرين الثّاني يحتفل اللبنانيّون في كل سنة بعيد الإستقلال عن الإنتداب الفرنسي، وهم يستعيدون ذاكرة أيّامٍ مضت حارب وقاوم خلالها رجالات الإستقلال كي يطردوا محتلّاً ويُعلنوا قيام دولة لبنان الكبير.

ذكريات وأحداث تلك المرحلة تدفعك إلى الإعتزاز ببلدٍ تغلّب على دولٍ كبيرة وخطف منها حقّ تقرير مصيره، لكن ليس حقّاً، فمصيره ما زال مرتهناً بأطراف وأحزاب محليّة قرّرت دون استشارة أبنائه، وعن سابق إصرار وترصّد، تسليم نفسها وشعبها وبلدها لأخرى خارجيّة ومنحها القرار بتقرير مستقبل أرضٍ تبعاً لما تقتضيه مصالحها الخاصّة لا مصالح أفراده.

أترى في هذا الكلام غُبنٌ وافتراء؟ حسناً، لنتأمّل في بلاد العالم قليلاً.

سمِّ لي بلداً مستقلّاً تعترف أطرافٍ محليّة بداخله بانتمائها وولائها وتمويل نفسها لجهاتٍ خارجيّة مفتخرة بذلك.

سمِّ لي أرضٍ دحرت أكثر من جيشٍ للإحتلال، ليحتلّها مسؤولون ويعيثوا فيها فساداً.

سمّ لي مسؤولاً في العالم يسهّل اختطاف عناصر جيشه من داخل أرضه إلى خارجها.

سمِّ لي وطناً يحتفل بالإستقلال من دون حكومة، على الأقلّ نظريّاً، لأنّ أحزابه مشغولون بتقاسم قالب الجبنة وإختيار الطرف الذي يدرّ ربحاً أكثر.

سمِّ لي دولةً الفاسد فيها أكبر من القانون بل هو الدّولة.

سمِّ لي، جغرافيّاً، معنى كلمة إستقلال وكلّ من حوله يملكون حصّةً فيه.

وسمِّ لي كيف يُعاد يوم الإستقلال لشعبٍ أصبح يتساءل عن معاني الكلمة.

هل حلم لبنان الوطن السّيّد الحرّ المستقلّ الّذي يملأ صفحات الكتب أصبح وهماً؟

هل سنصل للبلد الذي نطمح إليه يوماً ؟ أم أنّ مجرّد الحلم اليوم سيتحوّل كابوساً؟

مريانا سويدان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى