العرّاب الفنيمشاهير العرب

إليسا الوحيدة التي وثّقت هذا الموضوع ولهذا السبب لا تشبه أي فنان آخر!

لا تنفكّ إليسا عن اختيار أغنيةٍ تُشبهها وتعنيها هي بالذات في كلّ ألبوم، بتمويه أنثويّ ذكيّ.

ثمّة نساء تكتشفهنّ بما يخترن سماعه، ونساء عندما يغنين أمامك ما في أعماقهنّ.

لكن إليسا، تقف في منتصف الشعور بينهما في الحالتين معًا، لتجعلك تتساءل إن كانت تعري ضعفها بذكاء أم تختار قضيّة عاطفيّة قد تحدث لامرأة أخرى سواها!

من يغنّي يعرف كيف يتماهى مع حزنه دون أن يدري أحد بذلك، لذا تنجح أغنية ما عندما يصدّق من يسمعها أنها عن الفنان نفسه!

هكذا، بجرأتها النادرة، اختارت إليسا أداء “عكس اللي شايفينها” ، رغم كل التلميحات التي تشير إلى أنها قصتها فنجحت الأغنية كثيرًا وتجاوزت كلّ التوقعات الموسيقيّة وكانت أول فنان يكشف بحلاوة الكبرياء حقيقته السرية البعيدة عن الأضواء.

بإمكاننا القول، أن عكس اللي شايفينها قبل أن تتحوّل إلى مشروع كليب هي موضوع حياة نجمة ناجحة بالتأكيد، تلاحقها الأضواء وتنجح هي في كل مرة في الاختباء حتى لا يتم اكتشاف سرّها، وجرأة حديث عن امرأةٍ ينسى الناس أنها مثلهم لكنها فقط تحتمي بحنجرتها.

الأغنية في حدّ ذاتها كانت اختيارًا ناجحًا، وغدتْ تُعرف بها على غرار ما قدمته من أغان.

لم يُسمع من قبل من شخص تحيط به الشهرة، أنه تطرّق في أغانيه إلى متاعب الشهرة والقلق الذي يزوره، وخلقت مفاجأة في الساحة الفنية ودهشة للفنانين المشهورين أنفسهم، مثل الممثلة الكبيرة غادة عبد الرازق التي وصفتها بكونها الأغنية الوحيدة التي تعبر عنها..

فهل يمكن أن يكون كل هذا محض تصادف؟

لا، فالتساؤل الذي وضعتنا فيه إليسا وهي تغني بروح تنساب غناء هو التساؤل نفسه الذي صادفنا في أغنيتها متفائلة التي قالت عنها بأنها تشبهني بنسبة ٩٠ بالمائة في إحدى المجلات، وهو نفسه في أغنية ألبومها الأخير “أنا وحيدة”.

بين عكس اللي شايفينها وأنا وحيدة تجد ذات الوجع وتطابقا مشتركًا في الأغنيتين حتى في تناصهما الشاعريّ لكأنهما أغنية واحدة أكملت جزءها الناقص، والجزء الأكثر قربا المتحدث عن ذات إليسا.

غنت في عكس اللي شايفينها: “وعايشة كأنها في جنة وكلّ الدنيا ملكاها” وفي أنا وحيدة قالت بعبارة أوضح: “حياتي تبان جنة لكن بابها مالوش مفتاح”.

إنه مفتاح الباب الذي يُوصده النجم على حياته الخاصة كي لا ينفلت وجعه إلى حياته الفنية أكثر من اللازم، بينما نظن نحن أنه يوصد بابه على جنة يخاف أن نعرفها، ولا ندري أنه يغلق حزنه.

وحدها إليسا لفرط تصالحها مع ذاتها، وثّقت ذلك دون خوف أو تراجع في أغنيتين وأكثر، فبدت أكثر أنفةً من أن تبدو دومًا تحت الأضواء، وإذ بنا نكتشف منها أشياءً لا يصارحنا بها فنان آخر.

كأن نعرف كيف كانت تغني باكية، وكيف ترافقها أفكار الأرق، والأكثر مفاجعة من ذلك حقيقة أليمة هي أنّ الإنسان حتى إن كان نجمًا ويحبّه الكثير، يحدث أن لا يجد أحدًا يقاسمه حزنه الكبير، في لحظات وحدته القصوى!

محمد الخزامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى