العرّاب الفني

رين صعب.. ما هو سر تميّزها بـ “فلتاني”؟

تأخرت أيامًا عن الكتابة المستحقة.. لم أعد أعي معنى التحدّث عن شيء قد أسدل الستار على وعيه.. لكن رغم التأجيل المبهم، حكمت الجمل الذهنية المتواترة قرارًا، بالتحدّث عن إبداعات لا يفنيها الوقت..

طرحت تساؤلات محيّرة، في بحثٍ نحو إجابة قيّمة، في زمنٍ مُفلس من القيّم: كيف صُنع الإبهار ذلك، وكيف تطورّت حالته الإبداعية نحو اللاحدود؟!

“رين صعب” هي موهبة فنيّة فريدة، تخرّجت من جامعة لبنانيّة بطموحِ الكبار، لتحصد الشهادة الأكاديمية في حقل فنها المفضّل: الإخراج، ومعه تقنياتها التمثيليّة..

رغم ضآلة الفرص، سعت صعب بإيمان مُحكم، إلى إستخراج الموهبة من مستنقع الظلمات، في بلدٍ تهمين عليه الشخصيات المفرّغة، التي تُجلّل بنجاحاتها دون إمكانات مؤهلة..

منذ أسابيع، قدّمت مسرحيتها “فلتانة” في وسط العاصمة اللبنانيّة التي عانت مطوّلًا من الفلتان السياسي.. لم تبعد المسرحية الوصف عن السياسة، بل توّسعت لتشمل الحالات الإجتماعية، بل النفسية، الأكثر إصابةً بالعمق..

إنتهى العرض، فيما لم ينتهِ الوقع.. ما قدّمته المسرحيّة من رسائل تضمينيّة، فاق حد التوقيت..

أجمل ما يُعرض، هو ما يجسّد الواقع، دون إسراف في التجميل..

كانت صعب بطلة في دورها، وماهرة في صناعة التركيبات السيكولوجيّة المرافقة لشخصيّة البطلة.. لم يساعدها رفاقها في العمل، إنّما مهاراتها في إتقان دور متحطّمة، بأسلحةِ العادات الوخيمة..

أبكت، وطرحت أسئلةً موجعةً عن حالاتٍ لم تستحق الرجم، بأيادٍ هي من أوصلتها لطرق، ملتوية الإتجاهات..

ساعدتها كاتبة السيناريو نور رجب في بلورة العبر.. لم تتواجد صعب من أجل إتخاذ مكانةً، بل لإنعاش فن هادف توفى سريريًا، بتخدير الإنتاجات المادية..

لم تصل صعب بعد إلى الشاشة لإعتباراتها، فيّما سجلت موهبتها حضورًا لافتًا على خشبة المسرح..

ألا تستحق موهبة مثلها ما هو أبعد من محتويات الشاشة الرديئة؟ ممثلة ك”رين” ليست بحاجةٍ ربما إلى مبارزةٍ، حتى مع نجمات الصف الأول!

تبدو الآمال معلّقة أمام ساحة هزيلة بتصنيفاتها، واهنة بمقاعدها الأولى..
رغم إنعدام النوعيّة عند “الأوائل”، تثابر ضيوف الشرف المُغيّبة، لتقديم الجودة الأفضل!

عبدالله بعلبكي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى