العرّاب الفنيمشاهير العرب

راغب علامة يكسر حاجز صمت الشارع البلد بـ “طار البلد”..هل حان الوقت؟

“صار الوقت يا ناس نُصرخ على العالي” ليست جملة فعليّة تخضع لأحكام اللّغة. إنّما بآهاتٍ تحمل من الغصّة كثيرها، يكسّر راغب علامة حاجز صمت الشّارع اللّبناني.

هي صرخةٌ تدوّي علينا هذه المرّة من حنجرةٍ ذهبيّة الطّراز.

بصوت الإبن الموجوع يغنّي لنا راغب علامة “طار البلد” ليس لإشباع فراغنا الموسيقيّ ولا ليُضيفَ لأرشيفه العريق سكّرةً جديدة.

فحال الواقع بات واقعةً لا مفرّ من تجنّبها.

بتخاذلٌ ليس له مشابه يقف حكّامنا مكتوفي الأيدي، تعثّرهم حقيبة وزاريّة، وطمعٌ يستشرس نفوسهم التي لم يُشبعها شيء.

ولم توقف غوغاء سياساتهم كلّ معاني السّقوط الذي بات يُغرقنا!

بأيديهم الملطّخة بالهوان شلّحوا منّا بقايا عزّتنا. حتى تطاولت علينا النفايات ومياه الصرف الصحي. إلى أن جلدتنا المواتير وأصحابها. فبتنا نفرح بظلام احتُسبَ علينا فرجاً.

وقوفهم بعين المتفرّج يدعو للإشمئزاز و يحبط عزيمة التّعب، الذي استسلم لحكم جناةٍ سافرين.

“خِلص الحكي مش بلبِكي بيرجع وطن ضايع” يُعلنها صاحب المقام البريء من معترك السياسة الرافض لأن يكون جزءاً من لعبتهم الملعونة.

“بيِكفي حكي صار الوطن واقع”، حتّى شعاراتهم وتلك الوعود الحاشدة أمست هشّة بالية، لم تعد تمسّحُ لنا جوخاً ولا لتُغرينا رصانةُ الكلمات.

البلد بعد الآن ليس على كفّ عفريت كما اعتدنا التشبيه لتخفيف وطأة مآسينا. بل عفاريتُ الأرض اجتمعت ضدّ حقّ هذا الوطن المعذّب، لتسلبَ منه أيّة فرصٍ مع السّلام.

“عم تنطفي الأحلام والوعي فينا نام” بسلاسة الكلمة وحدّ الرّصاص يَكتبها الكبير نزار فرنسيس برهفة حسّه الذي ما توانى حرفه يوماً عن ترجمة أوجاع وطنه الضّال.” حِلم الأهل هِربان هاجر مع ولادن”!

صامتون وكأنّنا نفترش نعيماً لم يسبقنا إليه سابق. في ظلّ ازدراء واقع استحالت منه الحياة نفساً. لا بدّ لصوت راغب علامة أن يصدَح فينا أفيقوا! كفاكم نوماً وسهواً، كما كفاهم بطشاً واستخفافاً بمصيرنا.

ماذا ينتظر ساكنهم بعد ليتحرّك؟ ألم يكفنا قهراً وذلّاً ولم يُتخموا بعد زوراً وفساداً؟

ربّما بالغ راغب علامة في التوصيف فالبلد لم يطِر حقّاً. لِمَ التّهويل؟ كيف يطير بلدنا وقد قُصّت جنحانه؟

ما الذي سيطيّر بلداً استُهلكت جميع طاقاته حدّ الإفلاس الحركيّ؟ كيف لوطنٍ مكبّلٍ بغلاءِ معيشته وبُطلان فرص العمل أن يتحرّك؟

أوَيطيرُ ما غرق حدّ الغيبوبة في النفايات والمياه المبتذلة؟ وتلكَ العدالة التي يناشدها راغب أن تحلّ، لم تُنهك قواها بعد بتفليت المُجرمين ونصرة القتلة.. بتجريم الضّحية وتضليل وجوه الحقّ!

بأوتارٍ خيّم على هويّتها الحزن يرفض راغب علامة إذلال هويّتنا. ليس حملان بطاقة هويّة ما يجعلك مواطناً. يشترطُ بِيقين الأمر شيئاً من الانتماء.

عهد شعبٍ لم تُكتب له المذلّة وطالما فكّك أفخاخ الأزمات. لكنّما شدّة تقاعس المُوّلينَ عليه واستنزافهم أواخر ذرّات الصّبر جعلنا نَسبُت في شللٍ سريريّ محتّم.

مفعول البنج دام طويلاً والولادة القيصريّة لم تبدأ بعد! يُربكك صوتٌ حنون يعوّل لمرّة أخيرة على محبّة جمهوره، وناسه فينادي عليهم “صار الوقت وما في وقت”.

يدقُّ السوبر ستار ناقوس الإستفاقة بأملِ المتيقّن لخطورة المرحلة. متوّجهاً إلى ما تبقّى من معالم المواطنيّة فينا.

علّ شيئاً من قَبيل الضّمير لم يُغيَّب بعد! إلى بعض حسٍّ مسؤولٍ أخفقت التبعيّة في تعمِيته. إلى أشلاء الكرامة التي اندثرت وسع ال 10452 كلم مربّع!!

اعتدنا أن يغنّوا لنا قبل النوم في زمنٍ كانت تقبع أرواحنا في سكينة، في وطنٍ كان يخيّلُ إلينا أمان ربوعه ودفئ احتضانه.

فتباغتُ غفوتنا رنّة منبّه يدندنها السوبرستار لنا كي نستفيق من غفلة ذلك البنج!

أليسار جابر

 

 

 

إقرأ أيضًا: يُلقّب بـ “الأسطورة”.. تامر حسني يفوز بجوائز العام – صور

راغب علامة – العرّاب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى