العرّاب الفنيمشاهير العرب

سعد لمجرد خرج بريئًا ولكن هذا ما خسره!

وقف سعد لمجرد أمام المحاكم القضائية في أوطان لا تُشترى بها العدالة، ولا تُرخّص كرامة شعوبها، حدّ إرضاء غرور وجوه المشاهير، تحت الأضواء المزيّفة..

بعد نجاحات إستمرت لسنوات عدّة، حطّم المجرد وقار الصورة، تمامًا كما حطّم الأرقام القياسيّة، في مسيرة فنية جدليّة..

“على النجم تحصين قلاع نجوميته خوفًا من أسلحة الآخرين” قاعدة قلبها النجم المغربي، ليأتي الهجوم من قلب درع المعركة، ومن جانب جنود الدفاع..

لم يحمِ المجرد أرقامه التي أوشكت على التدرجِ بين أسهم الفنانين العالميين في بورصة الأسواق، ومنصّات التواصل والميديا المُستحدثة..

فكان هو ثاقب غشاوتها، ليضحو صاحب السلوك الفاضح، الذي يعتلي المنصة برداء نجوميّة مخزّق، أمام جمهور لم يتردّد في دفع بطاقة الحضور، فخُذلت آماله..

منذ “انتي باغية واحد” المُطلقة ٢٠١٤، إستطاع المجرد تصدير اللهجة المغربيّة بحلّة موسيقية إيقاعيّة، نحو أوطان المشرق العربي..

ليصقل هويته عملًا بعد عملٍ، فيسجّل على أوراقه الثبوتيّة: نجم الأغنية المغربيّة الأول في العالم العربي؛ وبإستحقاقيّة كامنة..

مع مرور الإصدارات الفنية المتتالية، بات “المعلم” قبطان الباخرة الأبدخ، ليُبحر عبر “اليوتيوب” برحلات فلكيّة، أبهرت برايات أرقامها، وأغناها إنتشارها على ألسنة الملايين.

على غرار الإنجازات الصاخبة، رأى النقاد بالمجرد، مشروعًا مُكرسًا لفنان عربي يزيل الحدود بين القارات، ليصبو نحو العالميّة.

لم تكن مهمته صعبة، بل كيفيّة إدارتها، وكيفيّة تحمل مسؤولياته نحوها، ونحو الجمهور الذي آمن بموهبته، وكرّس لها قواعد شعبيّة، لا تستوعبها أكبر الساحات!

إنجرّ المجرد نحو غرائزه، ليرحّب -فاتحًا الأبواب- أمام داءٍ ينسف مسيرته، أتاه، ليفرض قوانين الأعداء في عقر دار نجاحاته!

لم يرفض الشروط، بل أكرم الإنحراف بالضيافات، ليغيّب وعيه، عن مخاطر هذه العمليّة الإنتحاريّة.

كان المجرد بريئًا أو مذنبًا، حلّ حتمًا كصاحب للضيافة المشؤومة، فاتحًا أوسع المجالات أمام الثغرات التي عرقلت طريقه، لتعيده نحو نقطة الصفر.

لم يتجاوز المجرد العقبة، فهو من إختلقها.. عاد ليؤكد قولًا: ألا أحد يدمّر نفسه إلا بنفسه..

رُفعت القضية الأولى منذ سنتين، وحينها لم يصدق المتابعون أن نجمًا مثله،

أُجهد في ترميم المسيرة -بعد سنوات من الإجتهادات- قادر على تجريم نفسه، وتشليح ذاته من كل المُكتسبات، بيديه نفسها!

وقف الجمهور صفًا موّحدًا معه، ورافقه نجوم أسرتهم نجوميّة المجرد، وأذهلتهم قدرته على تحقيق الكثير، في مرحلة زمنية أكثر قصرًا..

خرج بريئًا، لكنه لم يُبرّىء نفسه..

أعطاه الجمهور فرصة أخرى للإستماع، دون سلبه مجد اللقب..

ساعده الحظ، فأكمل المشوار من نقطةٍ للإستئناف، لا للإيقاف المُرجع، أو للإعادة من صافرة البداية..

أطلق المجرد “Casablanca” باللغة الفرنسيّة، فتُرجمت حروفها عربيّةً إلى آذان المستمعين، بفوريّة من شدّة روعتها..

كانت أغنية متكاملة في عناصرها الموسيقيّة، لا يخدشها لحنٌ مرّكب، ولا كلمات غير متناسقة..

حلّ سعد لمجرد أولًا في غنائه، لا في إدارته.. ثمّة أسئلة عن غياب التوجيهات الإعلاميّة من فريقه المقرّب، ومن إدارة أعماله..

ظنّ النجم الشاب أن الجمهور أضحى على عادة مُستسهلة مع إنحرافاته: حينما يطلق جديدًا، ينسيهم به الفعل الأقدم، بل الأكثر همجيًا.

لم يحترم المجرد جمهوره وحسب، بل صورة نجوميته، ليوجعها في صميم صباها، قبل أن ينضجها بذكاءٍ لتكبر، ولتلمع، فتشيخ بمحبةِ متابعيها.. فتحظى بتكريمٍ على مدى الخلود!

وقع المجرد مرة أخرى في فخٍ، عاون في نصبه:

محاولة أخرى لإعتداء على فتاة في فرنسا أيضًا، ليُطلب للتحقيق فيشكّل وصمة عار لجيل، تأمّل بفنٍ لا تحقنه حتّى قلّة الإنحرافات، فكيف إن كانت كثيرة؟!

مضت شهور على الإعتقال:

أتى القرار القضائي، ليخرج النجم المغربي من سجنه بريئًا، فيعود إلى حريته، لكن لا إلى مسيرته..

هو من أسجن مسيرته مرتين، وفقد معها ثقة مرافقيها، على مرحلتين..

لكلّ منا تشرذماته النفسيّة، وسقوطاته الجنسيّة الأكثر حرجًا أمام مجتمع يتحفظ بقشور العادات، وأحكام بالية للتقاليد المعمّرة..

لا تُكمن الثغرة في كبت الحال لإرضاء المجتمع، ولا في خدش الحياء عندما يفوق التمرد حالة الإتزان؛ بل في إبعاد الشبهات وبصمتها اللزجة عن إطار الصورة الفنيّة، تلك التي ترى بها الناس نجمها نظيفًا، لا تنل منها غبرة خارجيّة، ولا تخدش مثاليتها..

النجم يبقى مثالًا أعلى لشرائح، تتابعه وتحبه.. مَن مِن المستمعين سيتوق إلى سجل المجرد الغنائي مجددًا،

وفي ذاكرته المخزّنة بضعة صور مسربة، وقصص مشمئزة، وإنتهاكات صارخة لصيت فنان عربي، إلتهمت الفضائح جسده، وهو في أنشط أعضائه؟!

ألا يكفي دعر السياسة، وإفلاس الإقتصاد، ليتسع إنتشار الفساد نحو رقعة الفن، حيثما هربنا جميعًا في عزلةٍ، للبحثِ عن نقاءٍ مسلُوب؟!

عبدالله بعلبكي

 

 

 

إقرأ أيضًا: ليلى علوي تكشف عن أسرارها في “الريجيم”.. وبماذا نصحت معجبيها؟

سعد لمجرد – العرّاب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى