العرّاب الفني

جبران تويني رحل قبل 13 عامًا..هل نفذنا الوصية التي استشهد من أجلها؟

قبل 14 سنة إلا “قليل”، كان جبران تويني يقف على مُفترق طريق “للتفرقة”…

كان قبلها ب “قليل” إلى جانب مئات آلاف الأحرار، يعيش الخوف الوطني نفسه، فيُصاهر الأمل في عمقِ الإحباط…

وكان عليه في الوقت نفسه أن يكون أقوى، وأن يعلن الكلمة الأنسب، وأن يختارها بدقةٍ، لكي يقتل الخوف ذلك، بسهمِ أملٍ، عليه أن يُختلق فورًا…

أغضبت محاولات تويني كل من ظنّ أنه بالدماء، قادر على تدمير إرادة الأبطال!

لم يريد جبران تويني أن يسمع لقول أحدهم من بعيد، أو لقول داخله من أقرب المسافات الروحيّة التحذيريّة… كان عليه أن يرفع المسؤولية الوطنية بضميرٍ، إلى أعلى مستوى من الجهوزية للتحديات الوطنية المُقبلة.

“قسم” كان سيكلّفه حياةً، لم تخلُ للحظةٍ من لذة النجاحات المتدفّقة، ولم تخلُ للحظة من أحلام لم تمكثْ طويلًا في منزلها…

ومع جلّ مشتهيات ونجاحات الحياة في كفةٍ، لم يتردد تويني في التراجع عن قسمه، ليختار الكفة الخطرة!

كنبل إنتحار هذا الموقف، أو كسمو تفوّق نفسي، على لحظة الموت المُرعبة!

قبل 14 سنة ب”قليل”، أعلنه تويني أمام نفوس مُرهقة، بعد سنوات من الإستغلالات… كان أمل الأعداء، وأمل جسده من الداخل أن ينساه، أو أن يخفّف من حدّة توجيهه، فكان هو من يزيده تمردًا!

كان المشهد في اليوم ذلك: قسمٌ يُرفع الأعلام اللبنانية فقط، ويرافقه تصفيقٌ لجمهور قتلَ الخوف، ووحدة وطنية إلتهمت للحظات، أحلام إقطاعّية بحتة لسياسييها!

لم يحتمل أعداء جبران ما قد حدث، وما قد سمعته آذانهم! كاد الحقد أن ينفجر من أجسادهم بعد أن تعطلّت كل المخططات القائمة، لقسمٍ من دقيقةٍ: والحل؟

إذاً، ما هو الحل الذي قد يُخرجهم من أضيق حفرة ضياع، قد مرّوا بها؟!

قتله… نعم، بقتله… ظنّوا أن كغيره :”يومين أو 3 أيام”، وكل شيء يُنسى!

إنتظروه بالأيام، بالدقائق، باللحظات! كانوا يريدون أن ينتقموا لفشلهم الذريع، وأن يبرّروا لأسيادهم، وأن يقدموا هدية “تعويض” ثمينة، لكي يبقوا في مناصبهم عبيداً!

أشغلوا كل إداراتهم -وفروعها من الداخل والخارج…

كلّ المعلومات والتحركات، يجب أن تكون بأدق تفاصيلها بين أيديهم…

عملوا كالمجنون الضائع الذي فقد السيطرة التامة على الوضع العقلي السليم! أما جبران، فإنتظرهم كما إنتظروه…

لم يفر من لحظة المواجهة، في وضع نصّبه أقوى روحيًا، وجعلهم أضعف!

خسروا مع جبران الحرب كلها، ولكنهم نالوا منا في كل معركة!

كانوا على حق، بعد أن يقتلوا كل لحظة تضحية عظيمة، يسبّبوا عقمًا لتضحيات، قلّ ما تُنجب في وطن المصالح العليا!

تأمّلوا في تبعيات إغتيال جسد جبران، وبأن يمتد الهدف، ليبتلع أرضيّة وطنيّة، شملتنا مع إختلافاتنا!

نجحوا لأننا كنا دوماً “العنصر المساعد” في ذلك، خلال السنوات الفائتة…

لقد عشنا في قتالاتنا، وصراعاتنا، وتبعياتنا، وغبائنا، وتشرذماتنا، وخياناتنا حتّى الهلاك!

خذلنا جبران تويني، ومع ذلك لم يستطعوا القضاء على كلماته، ولا محو شموخ تطلعاتها! فهي تبقى مُجلّلة بسر ناطقها!

كلمات لقسمٍ قاله لأجلنا، ليقرّر أن يرضخ لمُتطلباته، ولو على سبيل إنهاء حياة…

تأمّل جبران ببذرة أمل زرعها بنا قبل الرحيل، فيما قمنا نحنُ للأسف بإهمالها، وزرعناها بمياه الطائفية حتى ماتت!

عبدالله بعلبكي

 

 

 

إقرأ أيضًا: محامي سعد لمجرد يوضح أسباب إطلاق سراحه.. فهل تأكّدت براءته؟!

جبران تويني – العرّاب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى