العرّاب الفنيشاشة

ديما صادق تخلعُ صمتها مع نيشان وتعترف: التنمّر سبّب لي البكاء!

في عالم الأضواء قد تصبح الشهرة حاجة ماسّة لإثبات الذات، وربّما أكثر. لكنَّها في لحظة تقلب نقمةً تلاحق صاحبها. ديما صادق تخلعُ صمتها وتعترف بدفعها ثمن آرائها ومواقفها الإنسانيّة.

منتهى الجرأة أن تُطلّ إعلاميّة مرموقة عبر منبرٍ زميل، لتكشفَ عن تعرّضها للتنمّر عندما كانت طفلةً يانعة.

المؤسف في الأمر أن تتحوّل آفة التنمّر إلى لعنةٍ رافقت ديما، في بلدٍ نُسبت إليه حريّة التعبير كسمةٍ تغني تميّزه.

بلدٍ صادَقَ باستسلام على قوانين حماية الحقوق، وضمان حقّ الاختلاف على وجه الخصوص الإنسانيّ.

قبل موعد الحلقة مع زميلها المتمرّس في الحقل. غرّدت ديما صادق على تويتر منبّهةً منتقديها ” أنا هيك.. أنا بدّي قول رأيي، وكلّ قناعاتي. وكلّ تنمّركن الالكتروني ما حيرهبني”.

“أنا بدّي انتقد الأنظمة الديكتاتوريّة، وهجومكم عل السوشيل ميديا ما حيسكتني. أنا سعيدة- جداً إنّي امرأة بتهتم بشكلها، وترهيبكن وتصويبكم لهل شي ما حيأثّر فيّ. أنا هيك، الليلة 9:30 عل جديد”.

وعن معاناتها في مرحلة طفولتها تحدّثت ديما إلى نيشان عن خجلها من طولها الزائد، ما جعلها عرضة للتنمّر وانتقادات رفاقها في المدرسة. فكانت تحني ظهرها لتخفي طولها.

وصرّحت بكل ثقة أنّني أروي الآن ما كان يؤذي ويُبكي ديما الطّفلة، التي كانت تخجل من الإعتراف بطائفتها. لتتجنّب التّهكم واتّهامات المجتمع المتقوقع في ظلّ شعارات التبعيّة.

لكنّ ذلك كان حافزاً في تحوّلها لإنسانة حرّة، مثقّفة تجيد الدّفاع عن معتقداتها بشراسة المنطق.

بيّنت ديما صادق الجانب المُعتّم عنها حيث قالت “الإنسان هو محرّكي”، وأنّها علمانيّة ومتجرّدة من التعريف الطّائفي. وتكتفي بذكر مذهبها فقط على الهويّة.

ديما الإنسانة أبدت تصالحاً قيّماً مع الذات. وشاركت تجربتها بهدف توعيّة كلّ من يستهدفه التنمّر ويكتفي بالسكوت.

لم تنفِ ديما تأثّرها بحملات الشتيمة والانتقاد عبر وسائل التواصل. بل اعترفت بأنّ اقترافهم ذاك أبكاها مراراً. وعن تعرّضها للهجوم قالت “يسبّبون لي مشاكل عائليّة” وهذا الأمر يزعج أفراد عائلتي.

وأضافت “بيروحوا على الشرف يا نيشان” متسائلة ما علاقة مخالفتها لهم الرأي بالتشهير بسمعتها وأخلاقها؟! “شو خصّ الشرف لمّا إبكي على أطفال سوريا واليمن، أطفال قُتلَت وتقطّعت؟ فليجادلوني بالسياسة”!

تزامناً مع الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي شرّعه اللبنانيّ شارل مالك. ما زال هناك مواطنون مضطرّون لتبرير أنفسهم، على هواء “أنا هيك” البرنامج الذي يحاكي جوانب اجتماعيّة مهمّشة، مع الإعلامي المتألّق برصانة أسلوبه، نيشان ديرهاروتيونيان.

الإيجابيّة المبشّرة في هذا الملف هو التعاطف الكبير الذي مدّ ديما من قِبل روّاد مواقع التواصل. حيث غمروا إعلاميّتهم المحبّبة بالتغريدات، والتعليقات الدّاعمة لمواقف ديما وجرأتها الحاذقة.

ليست ديما الأولى من مهنتها التي تتعرّض لتلك المغرضات، فسبق أن شاهدنا في مرّات متكرّرة انتهاكاً لمشاعر زميلاتها من الإعلاميّات.

أبرزهنّ النائب بولا يعقوبيان التي طُعنت بالشّرف لعدم إيجاد تهمة أكثر لصقاً بها. إنّما تهمتها الوحيدة إن وُجدَت فهي مجابهة الفساد السّياسي المهترئ.

وصرّحت ديما عن وقوفها وتضامنها الكامل، مع بولا ونوال برّي وجيسيكا عازار لعيبهنّ الوحيد، أنّهن تجرّأن وخالفن الرأي و انتقدنَ الفساد والتبعيّة الجهلاء.

ليس مقبولاً بعد اليوم هذا الإجحاف وإسقاط الشتائم فوق رؤوس النّساء، وخاصّةً أولئك الرّائدات في مواقعهنّ.

نساؤنا اليوم محرّكات رأي وصانعات قرار فكفانا خذلاناً لهنَّ بنصرةِ جلّاديهم. للمرأةِ دائماً تهمتان جاهزتان جمالها وشرفها.

ولديما صادق نقول “إنتي هيك” حرّة منتصرة كما أنتِ. واثقة بصلابتك وعفويّتك حين تلزم، باحترامك الآخر متخطيّةً حدود الدّين، والعرق والإنتماء.

بتبنّيكِ قضايا غَفَلت عن إنسانيّتها وتجاهلتها إنسانيّتُنا بكثير من الشذوذ. ربّما تراهنين على ملامح الإنسان فيهم وهم المعتوب عليهم والضّالين.

أليسار جابر

 

 

 

 

 

إقرأ أيضًا: أشرف نعالوة هذا ما كتبه لنجوى كرم قبل استشهاده – صورة

ديما صادق – العرّاب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى