العرّاب الفني

أنا لستُ معاقًا ولكن مجتمعي هو الذي يُعيقني

جميعنا نبادر، في لحظة غضب أو فرح معيّنة، إلى الزّفر بكلمات متعدّدة على من يُحادثنا، دون أن ننتبه أنّنا احياناً كثيرة نُهين الآخر المختلف.

فكلمات كـ ” معاق ” مثلاً ننعت بها أحدنا الآخر دون دراية بأنّها رسالة مفادها أنّنا نُعاني من خللٍ في فهم المعنى الحقيقي لهذا المصطلح.

ففي أوقات الغضب نعمد إلى وصف من نتشاجر معه بأنّه مغلّف بالإعاقة وأنّ مجرّد كلامنا معه هو إنجاز يجب شكرنا عليه، وكأنّ الإعاقة باتت تُهمة.

وفي حال كان أحد أقاربه من ذوي الإحتياجات الخاصّة فيتّجه البعض إلى فنّ المعايرة بذلك على اعتبار أنّهم يصوّبون على نقطة ضعفه.

حتّى في لحظات فرحنا،فإنّنا نُصرّ على استخدام كلمة ” معاق “، ربّما عن غير قصد، مُطلقين بذلك رصاصة على صدر من زرع الله فيه نعمة الحاجات الخاصّة.

هي نعمة نعم، ولن يعلم الضوء الذي يمتلئ بها إلاّ من كان مرافقاً لأحد أصحابها. وهذا الكلام ليس شعراً، إطلاقاً.

فعن تجربة خاصّة مع أحد المكفوفين، يعمل في مجالٍ الإعلام ولديه شغف في الموسيقى دفعه إلى تعلّم العزف على آلة البيانو، وتخزين أرشيفاً موسيقيّاً كبيراً جدّاً. أي بمعنى آخر هو يُسيّر حياته كما يحب.

هؤلاء لا يطلبون شفقةً من أحد، ولا حتّى معاملةٍ خاصّة، هم فقط يستحقّون أن يُعاملوا كإنسان وليس كمن يُسدي معروفاً عند تقبّلهم في المجتمع!

وربّما نحن، من نظنّ هؤلاء أقلّ شأناً منّا، ضحيّة مجتمع وتربية أبت إلاّ أن تشكّل صورة هؤلاء في أذهاننا بأنّهم يعانون من نقص.

واللوم الأكبر على أنفسنا عندما وافقنا، أن نتمسّك بقوقعتنا التي شُرّبناها، ورفضنا الإنسلاخ عن مفاهيمٍ بالية بالتّعرّف إلى الآخر والتّأكّد ممّا تعلّمناه.

هو ليس كلاماً مصفوفاً في الهواء ولا سفسطة بقدر ما هي مراجعة للذّات على أعتاب سنة جديدة، علّنا نتخلّص من أفكارٍ تجاوزها الزّمن.

مريانا سويدان

 

إقرأ أيضًا: محمد إمام يتعرّض لإصابة خطرة أثناء تصوير فيلمه وهذه التفاصيل

 

 

 

 

 

معاق – العرّاب

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى