رسالة الإثنين: سمر وداوود!
يراودنا الحبّ فننتقي من مساحات الأوراق ملاذاً لنفيض عشقاً ونكتب ما لا يمكن البوح به، أو ما نُمنع عنه. يراودنا الحبّ في زمن بات يبتاع به بأبخس الأثمان، في زمن يعرّف به على أنه علاقة جسدية أو روتين وراثي مفاده الزواج.
زواج ينتهي فيه هذا الحب بعد الإتيان بولي العهد الأول.
وهنا في هذه المساحة الافتراضية سنغوص معاً في قصة حب غريبة الأطوار، اخترنا لك شخصيتين افتراضيتين ” سمر وداوود “:
داوود شاب يخيّم في غربته حيث اللاشيء وكُل شيء و سمر فتاة ما زالت على ميناء الانتظار لا شيء أمامها سوى أن تنتظر ساعي البريد ليحمل اليها رسالة داوود المعشوق لترد برسالة شوق وحبّ.
كيف استطاع داوود أن يبقى حاضرًا في يوم سمر رغم بعد المسافة؟
وكيف تمكّنت سمر من الاحتضار أمامه ومحاصرته في غربته؟ لم اختارا لهما الرسائل الورقيّة في عصر المعلوماتية هذا؟
من أين كانت البداية وما النهاية، أو هل سنصل إلى نهاية حقًا؟
أسئلة كثيرة وكي نجيبك عنها عليك أن تقرأ بلهفة عاشق أضاع حبيبه وله أمل اللقاء به بقراءة رسائلنا
لك الوقت اللذيذ بما ستراه وتقرأه عزيزي. ولنا لذّة ما سنشعرك به.
إلى كل عاشقة أضاعت سنين عمرها في الانتظار. وإلى داوود الذي أخلع بعده الرجال خلع الملابس وأنا التي ما ارتديت رجلاً سِواه.. أهدي رسائلي بكل إنتظارٍ وشجن (سمر الافتراضية).
إلى كُل عاشق أخجله مجتمعه ومن حوله من شعوره، إلى كُلّ من بَنَت له الأعرافُ جدراناً بينه وبين من يعشق، إلى الأيادي التي شَقَت في الغربة تاركة قلوبها بين كفوف من تحب في وطنها..
إلى سمر، قُبلتي الأولى في صلاة العاشقين، ومحرابي الإنساني الذي وصلني بالسماء، أهدي رسائلي لكم ولها بكل محبة (داوود الافتراضي).
سَمَـر
الأثنين الواقع في ٢٠/٠٨/٢٠١٦
“فتحت أمّنا الأرض أبوابها معلنة قيامة جديدة، و كعادتها قارءة طالعي تمرُّ في أزقّة حيّنا تدندنُ موشّحاتها المعهودة لتلفت انتباه رفاق القهوة الصباحيّة.
لمع صندوق البريد في عينيّ، تذكّرت أنّه يوم الإثنين-يومي لك- أنشدكَ فيه و أكتبكَ كما أشتهي.
لطالما تشاجرنا، لِمَ الإثنين؟
كنت تقول: “تكتبين لي الإثنين و يصلني الثّلاثاء، أراسلك الأربعاء فيصلُكِ الخميس.
وبعدها تأتي جمعة الإسلام وينهمك كلّ منهم بالوصول إلى الله أسرع، يليها سبت اليهود وأحد النّصارى، وكلّ واحد يغنّي على ليلاه ويصلّي كما أمره والده لا أكثر..!
أمّا نحن يا صغيرتي لنا يوم آخر، يوم يرتاح فيه الإله من قرقعة البشر وتصمت فيه المساجد والحاخامات والكنائس، فتتصاعد نجوانا نحو السّماء لتطرب عرش الله”.
أمسكت القلم بخفّة، ضحكتُ لأنّي رأيتك حاضرًا أمامي عاقد حاجبيك ولا يروق لكَ ما أكتب:
“حبيبي.. طفلي الصّغير الّذي ينساب من بين أضلعي كلّما استحضرته..
قرأتُ رسالتكَ السّابقة وأكثر ما لفتني غياب النّور من عينيك، كانت كلماتك بِلا طعم بِلا لون..
هل تدري ماذا يعني أن تفقد إمرأة رائحة أحرف معشوقها؟
أخبرتكَ يوما بأن احتلالكَ حياتي مكافأة لي أخصّني بها الله عن سائر خلقه.
قدرٌ مجنونٌ أطاحكَ ناحي، كان ليلتها الإله في أوجّ نشوته، بهيّ الطّلة مبتسم الوجه..
واليوم ما الّذي أصابكَ حبيبي؟ ما الّذي مرّ على قلبك و استطاع أن يهزّه؟
أخاف أن تصابَ بإمرأة أخرى، لكنّ معاذ الله، محبوبي البعيد عني القريب مني لا يفعلها ولا يمنح قلبه لإمرأةٍ أخرى لا تقدر على أن تحصي شعيرات لحيته!
آخر مرّة لقيتكَ فيها كانت لحيتكَ من ألفٍ ومئتين وسبعٍ وسبعين شعرة!
أُعدّلها كما أشتهي-أشتهيكَ بها-
أرسم معالم وجهكَ وأفكّر بما يمكن أن أمنحك إيّاه في ساعات الطّيش.
اراكَ بعد يومين حين تقرأ رسالتي تنفرد بإبتسامتك الّتي احتوتني بكلّ ما فيها، تضحك على برودي وأدقّ التّفاصيل ضحكتكَ المعهودة، فيقترب خدّك من عينك ليظهر بينهما مكاني الأجمل.
أتربّع هناك لأجنّ فيك أكثر، وتأخذني من عنقي وتطوف بي في السّماوات السّبع العاتية، وأنا مسافرة معك مكبّلة اليدين، مغمضة العينين.
وعندما أفتحهُما أجدني في طيّات أضلاعكَ، تصفّف ضفائري وتوقظ حواسي الخمسة الّتي غفت منذ مدّة.. فتستلقي على صدري كطفلٍ لم يتخطَّ سنوات عمره الأولى ولا يحسن الهرب إلّا إلى نهديّ أمّه.. نعم أمّك أنا ومن ضلع الرّوح أنجبتكَ!
أخاف حبيبي.. أخاف أن تنساب من بيننا الأحرف والمسافات وتسرقكَ الحياة منّي.
أعِد إليّ طعم أحرفكَ كي أطمئن أنّك ما زلت هنا.
أعِد إليّ ألوان النّور واحجب عني الرّماديّ فقد سئمت الغياب.
مهبولتك الصغيرة سمر”.
جواد جابر
إقرأ أيضًا: بعد سعد لمجرد..مدير أعماله متهم أيضًا بالإغتصاب؟ إليكم التفاصيل!