العرّاب الفنيشاشة

ملحم زين في ديو المشاهير: في طيّات صوته آخِرُ هدايا الزمن الجميل!

ملحم زين في ديو المشاهير: في طيّات صوته آخِرُ هدايا الزمن الجميل!

“غيبي يا شمس غيبي” فلو غبتِ لن تُحدثي فرقاً بشاسع عليائكِ، حين يهلّ بدرٌ تغنينا مآثر حنجرته عنكِ في دجى ليالينا الظلماء. هو “زين” الأغنية بهويّتها المتجذّرة والعابث بحلم التجديد، يسكبُ في خبايا أوتاره عذبَ المواويل.

ريّسٌ طلَّ علينا على مسرح “ديو المشاهير” بعباءةِ فنٍّ معتّق، تَغرف من جعباتها أصالة المغنى وطيب الآهات، التي لا يتقنها أحدٌ كما ملحم زين.

صوته من زمنٍ آخَر وكأنّه آخِر ما أهداه لنا أعمدة الزمن الجميل، ترسو بين طيّاته صلابة جبال لبنان. بل لبنانٌ عملاقه وديع الصافي، وقطعة “السما” التي احتمت بغمر ظلالها الصخور مقاومةً عناد الطبيعة.

طلّة “أبو علي” على المسرح نديّة صارخة وجبّارة، تُربُك كل من يقف جانبه في مبارزة خاسرة تكاد تكون هزيلة، لإرتفاع خامته الصوتيّة وتمكنّه من لعبِ الطبقات جلّها. فيتحفنا بعلوّها ويذهلنا بانخفاضها الموسيقيّ.

أمّا بعد، لحضوره جاذبٌ حاسم من الوقار ورقّة الملامح وفيض الإبتسامة، وغمّازتان تطبعان تعابير وجهه حتى في آداء ألوان الشجن والرومانسيّة الخائبة.

باذلين قصارى جهودهم حاول المشتركون أن يكونوا على قدر مسؤولية تلك الوقفة، التي لم تُفلتها بعض الثغرات. حيثما ضيّع البارود كلمات أغنية “ردّو حبيبي” فسارع الريس باستدراكها وصحّح مسارها. أمّا الوليد فأجاد ببراعةٍ متقنة إبقاء الضحكة على وجوه اللجنة في “ضللي ضحكي”. والثالث الثابت، حقّق عباس جعفر حلم حياته بوقفته الغنائيّة مع ملحم زين، في “الدلعونا” بلوحةٍ بعلبكيّة أصيلة نُغِشَت لها النفوس.

بكامل حضورهم وتحضيرهم، لم تُخفَ على المشاهد الرهبة بثنائيّة المجاورة لموهبة من العيار الماسيّ، بشهادة الفقيه الموسيقي أسامة الرحباني، مُرحّباً بحرارة بنجم السهرة الأولى بعد العاشرة، على أنّه أحد أهم أصوات الساحة العربية بأكملها. والمبتكر الأوّل لفكرة صناعة النجوم سيمون أسمر، الذي نوّه بعراقة ملحم زين. وكونه الوحيد الذي حمل كأس الموسيقار عبد الوهاب بأحقيّته.

جانباً إلى رزانته المضافة إلى وقار حضوره، جُبلت وقفته على خشبة المشاهير بشيءٍ من الخفر، يكسوه تواضعٌ رغيد. الهادئ المعطاء والجارف بعِربه ومقاماته، تصيبه نخبة الأخلاق لغةً وجسداً وآداءً. لا تفوته من فطرة اللباقة شيء، بسؤاله عن غياب القديرة ليليان نمري -صحّح هفوةً كانت مخجلة ولو سقطت سهواً عن بال أنابيلا هلال- لآخر السهرة.

نجم “السوبر ستار” في موسمه البكر، ربّما لم يدرك أنّ مفاتيح نجاحه ستفضّ الأغلال كافّةً. وستحطّم قيود الفن ومحدوديّة الخيارات. لتجعل منه بيرقاً يضجُّ بنجوميّةٍ خارقة لمذاهب اللهجات وألوان الغناء.

هو الذي من علياء جبينه بانت أولى ملامح الموهبة، حين أجمع عليه لبنانه في نهائيّات الهواة. في وقتٍ فرّقتهم به كلّ الأشياء، فعقدوا التجمعات والتظاهرات احتجاجاً على استبعاده قبل الحلقة الأخيرة.

باستساغةٍ بالغة في احترافه لأطياف عديدة من ألوان الغناء، وشموليّة جمعت على صوته شرائح مجتمعيّة تجانست في صبوة انفعالاته، امتلكَ ملحم زين تذكرة ولوجٍ عابرة للمراحل والأرقام.

مكّنته من إحراز الأولويّة بين نجوم برامج الهواة بموهبة نرجسيّة لم تُتبع بشبيهةٍ لها. برتبةِ خمرٍ عُتِّقَ في خوابي الزمن الأصيل، تحرّر منها سفيراً منفرداً للأغنية بجلالة أطوارها.

أليسار جابر 

 

إقرأ أيضًا: بعد سعد لمجرد..مدير أعماله متهم أيضًا بالإغتصاب؟ إليكم التفاصيل!

إقرأ أيضًا: أنجلينا جولي هل تدخل إلى العائلة المالكة قريبًا..هذه التفاصيل!

إقرأ أيضًا: فضل شاكر يعود بهذه الأغنية وكيف ستكون ردة فعل الجميع والفنانين؟

ملحم زين – العرّاب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى